الأحد، 24 ديسمبر 2006

.........................

.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
..
.
.
.
.
.

..

.
..
.
.
.
.


..
.
.
.
.
.

الأربعاء، 20 ديسمبر 2006

عيدكم مبروك


Saut chers compatriotes,

Puisque je rentre bientot chez moi en Tunisie pour Passer L'Aid la bas, je vous souhaite a tous Aid Mabrouk et une bonne et heureuse année 2007.

Je vais donc prendre un petit congé de deux semaines sur ce blog a partir d'apres demain.

Si quand meme quelqu'un veux me contacter pendant mon sejour, vous connaissez mon email:

chanfara@gmail.com

Aid Mabrouk a Tous encore une fois

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2006

الخوف


"الخوف يجري الجوف"

لم أجد أحسن من هذا المثل الشعبي التونسي للتعبير عن مساندتي لبعض المدونين التونسيين إثر مصادرة و قطع بوليس الانترنت لمواقعهم في تونس

إنه الخوف يا أصدقائي, خوف هذا النظام الذي يحتضر من أن يصدر النقد (مباشر أو غير مباشر) من أبناء تونس: الشباب منهم خاصة

إنه الخوف من أن تنتشر هذه "العدوى" لتشمل عددا كبيرا من الشباب فينهض و يطالب بما هو محرم علينا اليوم

إنه الخوف من شباب طالبوا اليوم بغد أفضل لبلادهم من أن يطالبوا غدا بمحاسبة منتهكي و مغتصبي بلادهم بالأمس

إنه الخوف من شباب شكوا اليوم ضعف نظامهم التعليمي أن يطالبوا غدا بإنشاء مراكز أبحاث و مختبرات

إنه الخوف من شباب اشتكوا سوء معاملة الشرطة التي يجب أن تكون في خدمة الشعب من أن يؤلبوا هذه الشرطة ضد نظام فاسد فيؤسسوا نقابتهم الخاصة أسوة بغيرهم من بلدان تسمى متقدمة

إنه الخوف يا أصدقائي فلا تهتموا ففجر الحرية سيبزغ يوما و إن طال

بعض المواقع المصادرة:

http://mouwatentounsi.blogspot.com

http://sami-iii.blogspot.com

http://felsfa.hautetfort.com/

الجمعة، 15 ديسمبر 2006

الجزيرة



وجدت هذا الشريط على النت فقررت أن أمتع به كل أحباء قناة الجزيرة. في آخر الشريط هناك مفاجأة للتونسيين خاصة و لكل العرب عامة.

تحياتي الحارة لقناة الجزيرة و كل العاملين فيها

هل أنا أتمنى أم أنه حقيقة؟؟


كنت و لا زلت ممن يؤمنون بقول الشاعر: "و ما نيل المطالب بالتمني و لكن تأخذ الدنيا غلابا"

أغلبية سكان هذا الكوكب ممن هم عاقلون يعرفون الحقيقة القائلة بأن أغلبية الشعب الأمريكي هو شعب جاهل في كل ما يتعلق بأمور تحدث خارج بلده بل و أكثر من ذلك خارج ولايته لا أكثر.
فالإحصائية الأخيرة التي أعدها أحد أهم مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية أثبتت أن 65 في المائة من طلبة المدارس الثانوية لا يعرفون أين توجد كندا.

و لكن أن يصدر هذا الجهل عن أهم و أكبر مسؤوليها فهذا يجعلني أطرح تساؤلا طرح ألف مرة و مرة: كيف قامت هذه الإمبراطورية و كيف لازالت هي الأقوى عالميا حتى الآن؟

لن أتحدث عن بوش الصغير و كل ما تعرفونه عنه, بل عن موجة الاستنكارات الأخيرة الصادرة في الصحافة الأمريكية حول جهل المسؤولين في الإدارة الأمريكية و الكنغرس بالقضايا الخارجية و خاصة منطقتنا العربية.

الرئيس الجديد للجنة الاستخبارات و الأمن التابعة للكنغرس, الديمقراطي سيلفستر ريز, قال عند سؤاله عن معلوماته عن القاعدة أنها خليط بين السنة و الشيعة.. بل و أن أغلبيتها من الشيعة... و عند سؤاله عن حزب الله قال بالحرف الواحد:
"آه..... حزب الله.... لما تسألني هذا السؤال في الساعة الخامسة.... هل تتحدث الاسبانية؟ هل يمكنني أن أجيب بالاسبانية؟...."

أعتقد أنه كان على الصحفي أن يسأله في وقت آخر...............

إنه فعلا لمن سخرية الأقدار أن يحكم أمثال هؤلاء الأشخاص العالم.

لعلها فعلا نهاية الإمبراطورية الأمريكية أو لعلني أتمنى......

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2006

الزعيم الدكتور الحبيب ثامر

في الذكرى السابعة والخمسين لاستشهاد الزعيم الدكتور الحبيب ثامر
اجتاز الحدود البحرية خلسة بين فرنسا وإسبانيا وكاد يغرق في النهر من أجل قضية تونس والمغرب العربي


إن من أنبل المعاني في تونس الوطن تحقيق المصالحة الوطنية والإعتراف بخدمات الزعماء والشهداء والمناضلين الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل الوطن، خاصة زمن الإستعمار البغيض وفي سنوات القهر والإضطهاد، وفي هذا الإطار أحاول اليوم بعد البحث والتنقيب وتسليط الأضواء على نضال أحد زعماء تونس في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين إلى أن توفي شهيد الكفاح وهو في مهمة كان كلفه بها الديوان السياسي، إثر اصطدام الطائرة التي كان يركبها بقمة جبل، فسقط شهيد، النضال السياسي وفقدنا آنذاك بوفاته، وفقد الحزب الحر الدستوري التونسي والمغرب العربي زعيما كرس حياته وجهده للعمل على مقاومة الإستعمار في تونس والجزائر والمغرب وليبيا، وتحقيق العزة والكرامة لأبناء بلادنا وكل أقطار المغرب العربي.

فمن هو الشهيد الدكتور الحبيب ثامر؟ وما هي أبرز أعماله البطولية ومساهماته النضالية من أجل تونس وشمال افريقيا والمغرب العربي؟

ولد الشهيد الحبيب ثامر في يوم 9 ماي 1909 بتونس العاصمة، في نهج سيدي بن عروس، من عائلة عريقة معتزة بجذورها العربية الإسلامية، إلى جانب علاقتها الوثيقة بالعائلة الحسينية الحاكمة، وتلقى تعلمه الإبتدائي والثانوي بالمدرسة الصادقية، التي كان أنشأها الوزير المصلح خير الدين باشا سنة 1875 في عهد محمد الصادق باي، لنشر العلوم العصرية والثقافة المستنيرة، وهناك تحصل على شهادة ختم الدروس، وعلى شهادة البكالوريا، ثم تحول إلى فرنسا، ليدرس الطب، في كلية تولوز أولا ثم في كلية الطب بباريس، وتخصص في الأمراض الصدرية وحصل على الدكتوراه في الطب سنة 1938، واختار أن يكون موضوع أطروحته عن «مقاومة مرض السل بتونس» وهو ما يعني اهتمامه بكل أحوال المجتمع التونسي ورغبته في مقاومة كل ما يصيبه من داء.

وفي تلك الفترة بفرنسا، تمكن المرحوم الحبيب ثامر من الإتصال برفاق الدرب والنضال من التونسيين والجزائريين والمغاربة أمثال أحمد بن ميلاد وعلي البلهوان وفرحات عباس ومحمد الفاسي وغيرهم من الشباب المغاربي، وأعادوا إحياء جمعية طلبة شمال افريقيا المسلمين في خريف سنة 1930 أي في العام الذي استفحلت فيه الأوضاع بأقطارنا المغاربية، إذ احتفل المستعمرون بمئوية احتلال الجزائر، ثم بخمسينية إقامة الحماية بتونس، ونظموا المؤتمر الأفخرستي المسيحي بقرطاج، إلى جانب الأزمة الإقتصادية العالمية.

وقد عملت الجمعية على مساعدة الطلبة العرب الوافدين من شمال افريقيا كي يواصلوا دراستهم بأوروبا، كما كثف أعضاؤها الإتصال باليد العاملة المغاربية لتوعيتها بأوضاعها وبأوضاع الأقطار الثلاثة الرازحة، آنذاك، تحت نير الإستعمار وبطشه. وتمادى أعضاء جمعية «طلبة شمال افريقيا المسلمين» في نشاطهم وكانت مطالبهم تتمحور حول مسائل جوهرية منها :
توفير التعليم لأبناء أقطار المغرب العربي، إذ أن العلم هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتحرير الشعوب من كل أشكال الوصاية والهيمنة والإذلال، ومنها كذلك ضرورة استعمال اللغة العربية بصفة رسمية في المدارس والمعاهد، ونادوا بوجوب إقرار برنامج تعليمي موحد لكل بلدان المغرب العربي، وألحوا على إدراج مادة تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، وعلى ضرورة تعليم البنت والمرأة ضمانا لتربية الأجيال القادمة، ولقد كان دور الزعيم الشهيد الحبيب ثامر فاعلا في تلك الجمعية، بحيث كان كاتبها العام في الدورات الثلاث، ثم رئيسا لها فيما بعد ، بمؤازرة رفاق دربه المرحومين الهادي نويرة وعلي البلهوان والمنجي سليم والصادق المقدم وغيرهم من أبناء تونس، إلى حد أن المخابرات الفرنسية اعتبرت جمعية طلبة شمال افريقيا فيما بين سنة 1934 وسنة 1937 خلية دستورية تونسية في باريس.
وقد تجلت في تلك الفترة وطنية المرحوم الحبيب ثامر ونضاله السياسي، وكذلك اتضح توجهه المغاربي، ولعل ذلك خير مساعد له على أن يكون فيما بعد من مؤسسي مكتب المغرب العربي في القاهرة سنة 1947. وفي سنة 1938، شهدت تونس أحداثا كبرى، أهمها حوادث 9 أفريل التي انتصر فيها الشعب وشبابه، بقيادة الزعيم الراحل المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وزعيم الشباب المرحوم علي بلهوان في مظاهرة عارمة، مطالبين فيها السلطات الإستعمارية بإقامة برلمان تونسي، ولكن البوليس الفرنسي قبض على الزعماء وزج بهم في السجن، إلا أن الحبيب ثامر، الذي عاد إلى أرض الوطن في تلك السنة بالذات، أخذ عن رفاقه المشعل وسطر برامج لإحياء الحركة الوطنية، وظل على استبساله ونضاله الدائم دون كلل ولا ملل حتى ألقي عليه القبض صحبة ابن خاله المناضل المرحوم الطيب سليم في جانفي 1941، وحكم عليهما بالسجن مدة عشرين سنة، مع الأشغال الشاقة، لولا دخول قوات المحور إلى تونس في نوفمبر 1942 فأطلق سراح المساجين السياسيين من السجن المدني بتونس إثر انتفاضة وعصيان أعلنوها بتدبير من الحبيب ثامر.
وامتثل الحبيب ثامر لتعليمات الزعيم الحبيب بورقيبة بعدم الميل مع جيش المحور ضد جيوش الحلفاء، توقعا لهزيمة قوات المحور الوشيكة، وإيمانا منه بخطر الفاشية والأنظمة الكليانية على العالم، يؤكد ذلك مقاله الذي توجه به إلى الزعيم بورقيبة في جريدة «افريقيا الفتاة» التي كان يوم 7 فيفري 1947، كما تؤكد ذلك مواقف المناضل الحبيب ثامر المتصلبة في محادثاته مع رودولف، راهن ممثل النازية الذي أقام بدار حسين ( في تونس العاصمة )، وتحركه لإيقاف نشاط جمعية «شباب محمد» التي سخرها الألمان لأغراضهم الدنيئة، وقد كان المحور يحاصر المناضل الحبيب ثامر في كل مكان ويتابع تحركاته ويحلل بكل عناية كتاباته ومقالاته المتعددة والمتنوعة، حتى أنه كاد يقع في فخهم سنة 1944 عندما سافر إلى باريس في مهمة وطنية حزبية، إلا أنه خير أن يعود إلى تونس عبر اسبانيا خلسة، فقطع النهر سباحة، وكاد يموت غرقا، ولكنه نجا من الموت بأعجوبة، والتحق برفاقه هناك، وفي طليعتهم عميد المناضلين السفير الرشيد ادريس (أطال الله في عمره) والمرحومين الهادي السعيدي والطيب سليم وغيرهم. ولما علم الجماعة بوصول الزعيم الحبيب بورقيبة إلى القاهرة في أفريل 1945، اجتهدوا في الإلتحاق به، ولم يستطيعوا الحصول على التأشيرة المصرية إلا بعد أتعاب وتدخلات متنوعة ومشقة، وفي جوان من سنة 1946 تمكن الحبيب ثامر ورفاقه من دخول مصر، والإتصال بالزعيم بورقيبة، وقد تأسست قبل مجيئهم الجامعة العربية في 22 مارس 1945، ورغم ذلك فقد ظل المناضل الحبيب ثامر متشبثا بتوجهه المغاربي مدافعا عنه بقوة إلى أن التأم فيما بين 15 و22 فيفري 1947 مؤتمر الأحزاب المغاربية ووقع الإتفاق على تكوين مكتب المغرب العربي، تولى إدارته الحبيب ثامر.
ولئن أقام المرحوم بمصر، فلقد ظل على صلة وثيقة بتونس وبأوضاعها، وكان ينشر عنها المقالات في أبرز وأكبر الجرائد المصرية، وألف كتابا قيما قام بنشره وتوزيعه على حسابه الخاص أرخ فيه تاريخ الحركة الوطنية التونسية عنوانه «هذه تونس » ، ورغم غيابه عن أرض الوطن، فقد انتخبه الدستوريون، يوم 17 أكتوبر 1948، في مؤتمر «دار سليم»، رئيسا مساعدا للحزب الحر الدستوري التونسي، اعترافا له بجليل الأعمال وبنضاله ووطنيته الصادقة والنزيهة ودون أهداف ولا غايات دنيوية.
وفي شهر نوفمبر من سنة 1949، عهد الديوان السياسي إلى المرحوم الحبيب ثامر بمهمة تتمثل في حضور المؤتمر الإقتصادي الإسلامي الذي وقع في باكستان، بعاصمتها كاراتشي، فاضطلع بالمهمة على أحسن وجه ومثل تونس خير تمثيل، وإثر انتهاء أشغال المؤتمر، قام بجولة في باكستان، وألقى محاضرات هناك معرفا بالقضية التونسية، ولما كان عائدا من مدينة ( لاهور ) الباكستانية إلى العاصمة كاراتشي، ليلة الثلاثاء 13 ديسمبر سنة 1949، اصطدمت الطائرة التي كانت تقله، بقمة جبل، فلقي حتفه مع كل المسافرين، ومنهم علي الحمامي الجزائري ومحمد بن عبود المغربي.

هذه فكرة موجزة عن حياة الزعيم الشهيد المرحوم الدكتور الحبيب ثامر الذي كان مثالا للوطنية وللعطاء والبذل والتضحية من أجل تونس وشعوب المغرب العربي والعروبة والإسلام قاطبة أذكر بها لعل الذكرى تنفع الذين لا يعرفون إلا القليل والقليل عن المرحوم الشهيد الدكتور الحبيب ثامر ودوره البطولي من أجل القضية الوطنية والتوجه المغاربي والعربي الإسلامي

المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 12 ديسمبر 2006

عبد الناصر و تــونس

عبد الناصر و تــونس ---- هشام القروي


تعود العرب في كل مكان تقريبا الاحتفال – أو على الاقل التذكير – بثورة يوليو في مصر التي مرت عليها الآن 51 عاما, و84 على ميلاد قائدها, و33 على رحيله. ولا أراني الا مندفعا هذا اليوم الى الكتابة حول هذا الموضوع, ربما بوازع غيرة لاواعية , أو بوازع تقليد متأصل في كل البشر, أو ربما أيضا وبطريقة أبسط , لحاجتي الى معرفة ما يمكن أن اكون واين يمكن أن اقف ازاء ما اختلف العرب على تقييمه (ثورة يوليو) بالرغم من اتفاقهم على اهمية حدوثه وربما أيضا ضرورته. وحين فكرت فيما يمكن أن اكتبه بهذه المناسبة, وجدت أن بعض الذكريات الآتية من سنوات الطفولة والصبا ترشح الى السطح , كأنما تطالبني باستعادتها. وبما أنني لست مصريا, ولا عشت في مصر, فان كل ما علق بذاكرتي عن تلك السنوات, له صلة بالخلاف أكثر من الاتفاق... ذلك أنني عشت في بلد كان على خلاف رسمي مع جمال عبد الناصر ......وهو تونس.صحيح أن النظام التونسي في عهد الحبيب بورقيبة لم يكن الوحيد الذي اختلف مع مصر الناصرية. ففي اليمن مثلا, وصل الصراع بين التحالف القومي العربي واليسار من جهة(بقيادة عبد الناصر) , وبين القوى المحافظة (بقيادة المملكة السعودية) الى المواجهة في حرب حقيقية. وكل الذين درسوا التاريخ العربي الحديث على علم بأن العالم العربي انقسم في تلك الفترة الى صف موال لعبد الناصر, وصف موال للقوى المحافظة. وبالرغم من ان الحبيب بورقيبة لم يكن ملكيا ولا أرستقراطيا, بل انه أزاح الباي الذي حكم أجداده تونس طوال قرون, ليضع محله جمهورية على مقاسه هو – مع بند خاص في الدستور يجعله رئيسا مدى الحياة: أي ملكا!- , وبالرغم من أنه كان أقرب الى اليسار الفرنسي المعتدل منه الى اليمين في بداية حياته السياسية – كان يحتفظ على مكتبه في قرطاج بصورة لمنديس فرانس زعيم الراديكاليين / وسط يسار- , فقد كان مندفعا الى مناهضة اليسار والقوميين العرب في تونس بنفس القدر الذي عادى به المحافظين الزيتونيين الذين سيولدون فيما بعد حركة الاتجاه الاسلامي أو حزب النهضة. كان بورقيبة يقف على طرف النقيض من كل هذه القوى. ولا أستطيع توكيد الادعاء أنه كان "ليبراليا". فالحقيقة أن الليبرالية اتجاه سياسي مبني على احترام كل من خالفك الرأي, وهو ما عبر عنه فيلسوف الثورة الفرنسية فولتير بقوله الشهير: " انني أخالفك الرأي, ولكنني مستعد للتضحية بحياتي من أجل حقك في التعبير عن رأيك". وهل الليبرالية تناقض القومية العربية؟ المسألة المؤكدة أنه من بين القوميين العرب من يمثل الليبرالية , مثل أمين الريحاني أو جورج انطونيوس. ومن بينهم من يمثل اليسار باجنحته المختلفة, ومن بينهم من يمثل اليمين التقليدي وربما حتى السلفي. وما نعلمه أن بورقيبة بدأ حياته قريبا الى وسط اليسار الذي كان يمثله الحزب الراديكالي في فرنسا (منديس فرانس), وانتهى يمينا تقليديا وقمعيا , أي دون الحفاظ على ما يمثله اليمين الاوروبي الذي تأثر به ايضا من احترام للديمقراطية. و قد كان يرفض ان يقول له احد كلمة لا. وذهب به جنون العظمة الى حد الاعتقاد انه بامكانه أن يملي على الفلسطينيين ما املاه على اصحابه واتباعه في تونس. فوجه اليهم دعوة بدت لهم تشجيعا على الاستسلام في الوقت الذي كل ما كانوا يطلبونه من العرب هو دعمهم للقتال. فاعتقد أن الطريقة التي استقلت بها تونس – وقد سماها سياسة المراحل – يمكن تصديرها بحيث يتبعها الفلسطينيون أيضا. وغاب عنه أن اسرائيل لم تكن في ذلك الوقت لتبلغ حتى خمس قوة فرنسا, وأن عرب فلسطين كانوا قادرين تماما على تحرير انفسهم من الاخطبوط الصهيوني لو تلقوا الدعم الكافي من اخوانهم العرب.و كره أن يضربه العرب بالبيض والبندورة (الطماطم) حين ألقى خطاب أريحا الشهير , داعيا الفلسطينيين الى التخلي عن حقوقهم الكاملة في ارض أجدادهم والاعتراف لليهود الاسرائيليين بحق اقامة دولتهم , حسب ما أملاه قرار التقسيم. وقد كان ذلك منه غرورا, حيث لم يكن هناك في ذلك الوقت من يستطيع الكلام بهذه الطريقة, الا اذا أراد أن يكون سفيرا للاستعمار, وهو ما استنكره العرب من زعيم عربي, قضى سنوات من عمره في سجون فرنسا. وقد تصور البورقيبيون بعد ذلك بسنوات أن "واقعية" بورقيبة هي التي تغلبت, ونظر بعضهم نظرة شامتة الى الفلسطينيين الذين في رأيهم لو انصتوا الى "المجاهد الاكبر", لما وصلوا الى ما وصلوا اليه اليوم. وقد تبدو هذه المسألة صحيحة في الظاهر. ولكن في الحقيقة, فان اسرائيل لم تكن قوة يصعب التغلب عليها في ذلك الوقت الذي ألقى فيه بورقيبة خطاب اريحا. وكان من السخف تماما تشبيهها بفرنسا التي كانت بحق احدى أعظم القوى الاستعمارية في التاريخ. ولم تصبح اسرائيل هي الغالبة لأن الفلسطينيين لم ينصتوا الى "حكمة" بورقيبة, بل لأن الدول العربية متخلفة, ولأنها تخلت عن الواجب القومي, ولأن الفلسطينيين انفسهم لم يكونوا في مستوى القدرة القتالية التي أظهرها الصهاينة, بفضل ما حصلوا عليه من سند غربي.

كان جمال عبد الناصر هو الاقرب الى قلوب العرب وعقولهم. فهو الذي تجرأ على افتكاك قناة السويس وتاميمها, وهو الذي تجرأ على محاربة اسرائيل ومن معها ومن وراءها – حتى وان خسر المعركة, فالحرب سجال . لم ير العرب في جمال شيئا من الانهزامية, حتى عندما بكى مستقيلا من منصبه , بعد هزيمة 1967. اتجه عبد الناصر في كل اقواله واعماله اتجاها مغايرا لاتجاه بورقيبة. ففيما تراجع هذا الاخير منكفئا على نفسه, بعد أن استنكر الفلسطينيون والقوميون العرب واليسار وجميع القوى العربية الحية, ما قاله في خطابه حول القضية الفلسطينية, وبات داعيا ل"التونسة" وما سماه وزير ثقافته في عهد محمد مزالي, "الشخصية التونسية" – التي هي خليط لا يفهم بوعه من كوعه-, ظل عبد الناصر وفيا لمبادئ الثورة التي قادها, والتي مالبثت أن انخرطت في سياق عالمي , اتسم في ذلك الوقت بالمد.لقد نهض جمال بمصر والعالم العربي الى مصاف الكتل الاقليمية المؤثرة عالميا. فحين نذكر عبد الناصر, نذكر أيضا الزعيم الهندي جواهر لال نهرو, والزعيم اليوغسلافي الماريشال تيتو, وثلاثتهم من مؤسسي حركة عدم الانحياز, التي كان لها آنذاك اشعاع ونفوذ حقيقيان. فطالما كان هؤلاء الزعماء الثلاثة أحياء ونشيطين, كان عدم الانحياز محترما في العالم بأسره, وكانت الدول الصغيرة تتسابق للانضمام الى الكتلة التي اعلنت انها تقف محايدة ازاء الاستقطاب الثنائي. وهذا المبدأ هو الذي سماه جمال : الحياد الايجابي... أي ان هذه الكتلة من الدول المتحالفة لا تريد الخضوع لأي من المعسكرين –الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة-, وأنها بدلا عن ذلك تشق طريقها الخاص, وان حيادها لا يعني ايضا سلبيتها ازاء الاحداث, وانما هو موقف نشيط وفاعل. وقد بدا لبورقيبة ان هذا الموقف خطأ. فقال في احد خطبه معلقا بسخرية انه "لا يوجد عدم انحياز ..." وان البلدين الوحيدين غير المنحازين هما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الامريكية. وكان مؤدى هذا الكلام أن تبقى تونس كالاجرب الذي يتحاشاه الآخرون...فقط لأن بورقيبة اصيب بالغيرة مما حققه جمال عبد الناصر من اشعاع في العالم الثالث. ولولا مهارة بعض الدبلوماسيين التوانسة , وسعيهم الى التصالح وعدم اغضاب الافارقة والاسيويين وكل الذين رأوا أملا كبيرا في ميلاد كتلة عدم الانحياز, لاتسع الخرق على الراقع, ولأصبحت تونس "جمهورية موز" اخرى. وهي على اية حال ما كادت تبلغه أو ما بلغته في نظر بعض اليساريين , ولكننا نتحفظ ازاء هذا الموقف. فقد ظل البعض في الدبلوماسية التونسية يعملون باحتشام , من وراء الستار, للحفاظ على المصالح مع الذين اغضبهم بورقيبة, حين كان ذلك ممكنا. ولم يكن الامر سهلا, خاصة عندما نعلم كم كانت نوبات الغضب حادة لدى الرئيس التونسي. ولكن فئة قليلة في الخارجية كانت تعلم أن بورقيبة سيمضي, وان العرب باقون, وكذلك هو الحال بالنسبة للاطراف الاقليمية او الدولية التي لم ير بورقيبة فائدتها. وقد كانت هذه الفئة هي التي وقفت فيما بعد وراء مجلة "دراسات دولية" التي تراسها الرشيد ادريس, وهو رجل من أوائل المناضلين الذين استبعدهم بورقيبة, أو أبعدهم من الساحة. وكان الرشيد ادريس هو من فتح مكتب "المغرب العربي" بالقاهرة, قبل استقلال تونس, وهو ما شكل حلقة الوصل بين عرب المشرق وعرب المغرب. ولكن "سي الحبيب" كان يرى شخصه اهم من كل رفاقه, فضلا عن انه كان يتصور نفسه أهم زعيم عربي على الاطلاق. كان هذا الغرور مؤذيا لبورقيبة و تونس, التي عزلت تقريبا في العالم العربي, ولم تستعد شيئا من الاحترام الذاتي الا عندما زار محمد انور السادات الكنيست الاسرائيلي ووقع معاهدة سلام مع اسرائيل, الشيء الذي دفع العرب الى مقاطعة مصر, ونقل مقر الجامعة العربية الى تونس, حفاظا على عروبتها التي كاد بورقيبة يبهذلها. وهو انجاز يسجل لحساب ايجابيات مساعي تلك الفئة من الدبلوماسيين التي تحدثنا عنها, اكثر منه لحساب بورقيبة نفسه, حتى وان حرصوا دائما على القول: الرئيس هو الذي أشار بكذا وكذا... وقد وجد البعض في ذلك الحدث فرصة لتصفية الحسابات القديمة مع النظام المصري. أذكر, وانا طفل في تلك السنوات البعيدة التي اشتعلت فيها الحرب الكلامية بين تونس البورقيبية ومصر الناصرية, كيف كان غسيل الدماغ جاريا بشكل يومي في الاذاعة والتلفزيون, ولم تفلت منه حتى المدارس, ولا جدران الاحياء الشعبية. ففي كل مكان كانت ترفع شعارات معادية لمصر, ولجمال عبد الناصر, التي كانت توجه اليه الشتائم ,وكانت الميليشيا المكونة من الصعاليك والقبضايات تجول الشوارع وتكتب على الجدران ما يكره أي عاقل أن يقرأه. وكنا نسمع في الاذاعة اغاني مكتوبة خصيصا للسخرية من عبد الناصر وما يمثله, وكانت المسارح تقدم مسرحيات هابطة من نفس النوع. وامكن في ذلك الوقت لكل من يعادي العروبة أن يصبح "رأسا" في تونس... حتى انني سمعت بعد مرور سنوات احد هؤلاء يعترف قائلا بشيء من البلاهة الافتخارية: "أنا كنت أول من نبه الى الامبريالية المصرية"! الامبريالية المصرية! هل سمعتم بربكم عبارة أكثر حمقا؟ وما هي الامبريالية المصرية؟ انها كل ذلك الانتاج الثقافي والفكري الحديث الذي كان –ولا يزال – عرب تونس يتطلعون اليه مثلما يتطلع متعطش الى الماء. ولماذا لا نتحدث اذا عن "امبريالية عربية"؟ لعل هذا هو الذي كان مقصودا من طرف تلك الشلة التي حاربت بتشجيع من النظام الانتماء العربي الاسلامي , وطرحت على الساحة الثقافية مفاهيم تغريبية وشاذة , مثل الكتابة باللهجة المحلية بدلا عن العربية, أو ادخال اللهجة المحلية لبرامج التعليم, لتعويض العربية تدريجيا. وقد كان انتاجهم الركيك ينشر في بعض الصحف والمجلات التي يشرف عليها كتاب النظام ورموزه. فلم تكن مسألة انتشار الثقافة العربية الحديثة بتونس مصدرها مصر وحدها. ولم نكن نحن كتلاميذ صغار وطلاب متطلعين الى ثقافة جديدة لنحفل كثيرا بالجانب الايديولوجي , وما كان يهمنا الى هذا الحد أن تكون مصر ناصرية أو تونس بورقيبية, بالرغم من اننا بلا شك كنا أكثر ميلا –كجميع العرب – لسماع خطاب سياسي أكثر تجاوبا مع متطلبات عصرنا العربي من الخطاب البورقيبي, الذي ظل متقوقعا حول نفسه, ومرددا طوال ربع قرن لأغنية "انا حررت تونس وليس هناك أكبر من عقلي ولا اعظم من شاني". فالواقع أن همنا كان ثقافيا أكثر منه سياسيا, وما كنا نصبو اليه هو ان تكون بلادنا , لا جزءا من العالم العربي الاسلامي وحسب – فهذا مفروغ منه – وانما عنصرا مولدا لحركة ثقافية جديدة ضمن هذا الكل الشامل الذي يسمى الكتلة العربية. فهل كان ذلك ممكنا دون مد الجسور بين بلدان المشرق والمغرب؟ وهل كان ذلك ممكنا بالتنازل عن الانتاج الثقافي العربي الحديث أو بالانقطاع عن مصادره؟ بحيث لم تكن هذه المسألة خاصة بمصر وحدها. فأنا أذكر كيف كنت- بمفردي أو برفقة الاصدقاء- أجتاز المدينة من الطرف الى الطرف بحثا عن الملاحق الثقافية للصحف الصادرة في المشرق العربي - وبعضها كنا نحصل عليه مجانا من المراكز الثقافية-, والبعض الآخر نشتريه كمجلة الاقلام العراقية , أو مجلة "المعرفة" السورية , اومجلة الهلال, أو سلسلة الكتب الشهرية الصادرة عن دار المعرفة الكويتية, والتي كنت حريصا على اقتنائها جميعا,(ولا تزال بمكتبتي في تونس) ,أو المجلات اللبنانية التي كانت دائما جذابة بشكل خاص في نظرنا, واذكر مجلة الآداب, أو مجلتي "شعر" و"مواقف" –التي كان الحصول على عدد منهما امرا خياليا- . وبعبارة واحدة, كل ما كان يأتي من العالم العربي من حولنا, كنا نتخاطفه ونقرأه ونناقشه , قبل الدخول الى المدرسة, او حين نكون في الساحة. ولم يستطع بورقيبة ولا الميليشيا الثقافية التي أنشأها-زيادة على الميليشيا الامنية- أن يقنعوا المثقفين العرب التونسيين أبدا بوجهة نظرهم, الا من أراد من هؤلاء أن يسايرمن أجل لقمة العيش. واعرف ان هذا الكلام قد يبدو "قاسيا" او "غير متسامح". فبعد كل حساب , انتهى امر بورقيبة, وحتى خلافه مع عبد الناصر لم يبق مسيطرا على الاعلام والعلاقات بين البلدين , حيث تم شيئا فشيئا التخفيف من حدة المعركة. بيد ان الحقائق التاريخية ستظل مدفونة في بئر منسية اذا لم يتحدث عنها احد. وهذه أشياء عشتها, فهي جزء من حياتي, وهناك كل الذين عاشوا معي هذه الفترة, ويتذكرونها كما اذكرها. ولا شك انهم اذا قرأوا هذا الكلام سيتعرفون على انفسهم, فمنهم من سيقول نفس الشيء ويشهد بنفس الطريقة, ومنهم من سيصمت لحاجة في نفس يعقوب او لأنه لا يرى فائدة من الحديث.

كان الاستماع الى خطب عبد الناصر خلسة في الراديو, عادة منتشرة في كامل البلاد التونسية. وكان البعض يحتفظ بها مسجلة ويخفيها عن العيون وكأنها الماس. وحين يريد أن يبدي وده للأصدقاء, فانه يدعوهم لسهرة خاصة, يستمعون فيها الى عبد الناصر يخطب. بيد ان ذلك كله كان يتم احاطته بالسرية التامة, حتى بعد موت عبد الناصر, وهو امر غريب فعلا. ولعل ذلك عائد الى الذهان الامني السائد في البلاد, والاحتياطات من كل ما يأتي من العرب. فلم يكن نظام بورقيبة ليخشى أن يتآمر عليه الغربيون, ولم يضطهد يوما من يكتب مقالا بالفرنسية او الانجليزية . ولكنه بالتأكيد كان يراقب عن كثب كل ما يكتب وينشر باللغة العربية, وكان البوليس السياسي مستعدا في أي وقت لاتهامك بالتآمر على أمن الدولة, بمجرد نشرك قصيدة أو قصة قصيرة في احدى الصحف العربية. وكان هذا كله متاتيا من وقائع مؤامرة في الجيش تم كشفها في الستينات, وشنق العديد ممن شاركوا فيها وسجن بعضهم الاخر لفترة طويلة. وقد جاء الكشف عن تلك المؤامرة في أوج المعركة الاعلامية والسياسية الطاحنة بين النظام الناصري والنظام البورقيبي. وقد اثر ذلك على مستقبل الثقافة العربية في تونس سلبا. وقد حاول بورقيبة ان يلعب الورقة السعودية لمحاصرة المد القومي العربي في تونس. وبالرغم من أنه لم يشعر أبدا بقربه الايديولوجي من السعوديين التقليديين والمحافظين, فهو لم يدرك أبدا أن ابناء عبد العزيز آل سعود كانوا جميعا – ويبقون بلا شك – في قلب المعمعة العربية , ولعلهم أكثر حرصا على توفير حظوظ النجاح للقومية العربية , من احزاب ومؤسسات اعلامية وغيرها اتخذتها(أي القومية العربية) شعارا ترفعه على الواجهة. وأعني ان الخلاف بين عبد الناصر والسعودية لم يكن حول جوهر الفكر القومي , وهل يستحق العرب أم لا أن يعيشوا ككتلة متراصة بأحلام ومشاريع واحدة. وهو ما لم يؤمن به بورقيبة على ما اظن. وانما الخلاف كان حول كيفية التعايش, وكيفية التقدم. لم ترض المملكة السعودية , التي اكتشفت لتوها أهميتها الاقتصادية – وبالتالي السياسية – أن تلعب بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة, كما كان يفعل عبد الناصر. فقد كانت مصالحها النفطية تمنعها من السير في دروب مجهولة, والمخاطرة بمكتسباتها. وفضلا عن ذلك, فمملكة عبد العزيز لم تكن حققت من القوة ما يجعلها قادرة على تحدي الغرب, الذي هو زبونها الاساسي. ولكنها لم تبخل بتمويل أي مشروع يمكن من ردع اسرائيل. وقد رأى بورقيبة في هذا الموقف ما يقربه من السعودية, لا سيما وقد "همس" بعضهم في اذنه بما يعني: اذا أردت ضرب القوميين العرب, فاحرص على توطيد العلاقات مع السعوديين. وهكذا, فقد تمثلت سياسته في الترحيب بأموال النفط التي بنت الفنادق السياحية في تونس, والسماح لفترة وجيزة بنشاط محتشم جدا للتيار السلفي من داخل الحزب الدستوري نفسه, او على الاقل باشرافه, قبل الانقلاب عليه, عندما انتهى بناء الفنادق. وفي اعقاب المؤامرة التي قادها عبد الرزاق الشرايطي – والتي وصفت ب"اليوسفية" نسبة الى الزعيم المغتال صالح بن يوسف القريب من عبد الناصر -, ضرب بورقيبة كل ما يتحرك وتفوح منه رائحة الانتماء القومي العربي . ولم يكن غريبا والحال هذه, ان يعامل بورقيبة معمر القذافي وكأنه صبي لا يمكن أخذه على محمل الجد, بالرغم من أن نصف الجمهورية التونسية على الاقل كان حريصا على الاستماع الى كل خطاب لمعمر تبثه الاذاعة الليبية. ولا يمكنني ان اقول ان النصف الآخر كان ينصت لبورقيبة, لأنه منذ ان جعلت مؤسسة الاذاعة والتلفزيون التونسية "توجيهات الرئيس" برنامجا يوميا, لم يعد أحد ينصت الى "المجاهد الاكبر" , الا اذا كان مخدرا بالحشيش أو في حالة سكر لا تقاوم. وبالرغم من ان معمر القذافي طرح فكرة الوحدة حتى على مالطا, حسب ما سمعت – ولعله كان ينوي فتحها وتعريبها وأسلمتها, وهو ما نراه يسعى اليه في افريقيا -, فانه كان دائما مولعا بفكرة وحدة اندماجية بين ليبيا و تونس ومصر. وبالرغم من انه ناصري مقتنع, فلقد كانت وستظل له مشاريعه ورؤيته الخاصة. وهي مشاريع ورؤية تضاربت افقيا وعموديا مع عقل الحبيب بورقيبة, الذي سيطر عليه كما قلنا الذهان الامني والخوف المرضي من كل خطوة يمكن أن تؤدي الى ما أدى اليه تأميم قناة السويس. كان بامكان بورقيبة أن يتحدى الفكر الاستعماري... الى حد معين, لا يمكن تجاوزه. كانت له خطوط يقف عندها ويعتبرها تقريبا "مقدسة" , لا يمكن المساس بها. وكانت المشاريع القومية العربية, سواء التقليدية المحافظة الآتية من المملكة السعودية(في شكل اتجاه سلفي), او العلمانية ( البعث) , أو الناصرية ( سواء عبد الناصر أو القذافي), أو غيرها ... تؤدي كلها في نظره الى المخاطرة. فهو يرى تونس دولة أبدية, ولا يرى امكانية لدمجها في مشروع أكبر, حتى وان كان يعلم جيدا أن في ذلك مصلحة عامة. والحقيقة انه كان يفضل , كما يقول المثل الاوروبي , ان يكون "البابا في قرية صغيرة" على ان يكون "الكاهن العاشر او الثاني والعشرين في روما". ولم يكن القوميون العرب , لا في تونس ولا في أي بلد من العالم العربي, ليؤمنوا يوما بما يعتقده بورقيبة من ان هذه الدول العربية القائمة اليوم, ازلية و أبدية. ولعله كانسان عاقل لم يكن يوهم نفسه بذلك الا بغرض ايهام الاخرين بأنه من الأكثر افادة استكمال البناء في القرية على الحلم ببناء روما جديدة. فبعد كل حساب, هوانسان متعلم, درس التاريخ ويستشهد به من حين الى آخر. ولا يمكن أن يجهل بالتالي عدد الدول والانظمة التي شهدتها المنطقة العربية منذ ما قبل الفتح الاسلامي الى عهده. وبالرغم من اننا نتعامل بحكم الواقع مع الدول العربية الموجودة كما هي, فانه ليس لدينا كمثقفين عرب اوهام حول قدراتها . ولا اعتقد أن قادة هذه الدول أنفسهم راضون عنها, وان كانوا بلا شك راضين بمناصبهم وساعين الى ضمان مصالحهم ومصالح أتباعهم. ففي اللاوعي الفردي للانسان العربي كما في اللاوعي الجماعي, سيظل هناك دائما أسف وحنين. أسف على العظمة المفقودة, التي جعلت من الامة العربية يوما المصدر الاساسي للعلم والمعرفة وما يرتبط بهما من اشعاع ثقافي وسياسي وازدهار حضاري. وحنين الى يوم يكون للعرب فيه موعد مع التاريخ. وبالتأكيد, ليس هناك عاقل يتصور أن هذا "الموعد" هو ضربة حظ, أو صولة عسكرية يقوم بها فجأة شخص يدعي انه سيغير العالم. وانما هو الجهد اليومي الذي يبذله ملايين الناس العاملين كالنمل في كل مكان من البلاد العربية وفي المهجر, من أجل النهضة الحديثة, واعادة العلم والمعرفة الى المكان الذي يستحقانه, وابعاد سيف ديمقليس المسلط على اعناق العلماء والمثقفين المخيرين بين تاييد ظلم الحكام, أو السجن, او المنفى. فهل هناك من بين هذه الدول العربية دولة واحدة حققت رضا عامة الناس وخاصتهم؟ وهل هناك نظام واحد يثلج الصدر؟ لقد أصبح شائعا أن نعلق على ما يجري بالقول : كلنا في الهم عرب! وهذا ما يقوله المثقفون العرب في كل مكان, حتى في الاعلام الرسمي , عندما يسمح بذلك. فهي دول متشابهة في عدائها للحريات العامة والخاصة, واضطهادها لمن يخالفها الراي من المثقفين والعلماء. والشيء الوحيد الذي يجمع العرب اليوم , كما بالامس, هو الثقافة. وما نراه ان جميع هذه الدول العربية تحارب الثقافة الحديثة بهذا القدر أو ذاك , ومن ثم , فهي تؤصل التخلف وتجذر العماء والدكتاتورية في التربة العربية, الشيء الذي يؤدي الى الغليان الذي نشاهده ونشعر به اليوم. فهناك في الحقيقة وحدة من نوع خاص تحققت بين الدول العربية: انها وحدة القمع. فالحكام وان اختلفوا في كل شيء وحول كل شيء, يتفقون على قمع الحريات. وهو ما يجعل المنفى – أو حتى السجن – اشرف من الاشتراك في الحكم, واثقال الضمير بكل تلك الجرائم التي ترتكب سرا وعلانية, ضد المعارضين والمنشقين, ومن لا حول له ولا قوة, وكل من يسمح لنفسه بانتقاد الحاكم. ولا أقول هذا من منطلق معاداة كل شيء أو استصغار كل شيء, فأنا لست عدوا للدولة, ولا عدوا للدول العربية. وانما رجل ولد و يعيش منذ أكثر من اربعين سنة في العالم العربي, حتى وان كنت في المهجر الآن. رجل مطالب بوازع من ضميره أولا , واستجابة لقرائه, بتقديم شهادة نزيهة على عصره. فلو سكت عن بعض الاشياء, هل أضمن بذلك لقمة العيش؟ ان الرزق من الله, والتوكل عليه. ومن ثم, فالساكت عن الحق شيطان أخرس. ثم انني اتلقى اجرا للكلام والكتابة, فكيف أسكت؟ وحتى اذا لم اكن أكتب هذا كصحفي محترف, فانا أكتبه – وسأكتب مثله واكثر منه ان شاء الله – بوصفي أديبا... أي شخصا ليس هدفه الاسترزاق من الكتابة بقدر ما هو الوصول الى اكبر عدد من القراء. شخص لا ينتظر بالضرورة أن يتقاضى أجرا على كتابته.

وماذا أضيف؟ هناك الكثير من الذكريات. بيد انه ينبغي أن اتوقف كي لا اطيل. أريد فقط ان ألاحظ في النهاية ان الاتجاه القومي العربي كان دائما موجودا حتى داخل الحزب الدستوري في تونس, وكان ممثله الحقيقي بلا شك الزعيم صالح بن يوسف, الذي اغتالته ميليشيا الحبيب بورقيبة في المانيا سنة 1962... ليقضوا على "الفتنة" حسب زعمهم. والحقيقة أن جناح بن يوسف كان الغالب شعبيا, ذلك أن جذور هذا الحزب تمتد الى قاعدة شعبية أصيلة, كان خير من يمثلها هو مؤسس الحزب الحقيقي وأبو الحركة الوطنية في تونس, الزعيم المجاهد عبدالعزيز الثعالبي.

الاثنين، 4 ديسمبر 2006

فنانون عالميون في الصراع العربي الإسرائيلي


تداعيات حرب لبنان الأخيرة والقضية الفلسطينية الجارية الأحداث لم تعالج من غير منظور السياسيين و المحللين و الضحايا أنفسهم ، بيد أنها لم تلق ردود الفنانين العالميين كونهم أبعد عن السياسة و متاهاتها ، فماذا كانت رؤيتهم لهكذا صراع عربي مع ما يدعى "إسرائيل"؟ وهل يستحقون كل هذا الحب في عالمنا العربي؟

و التالي سرد لبعض آراء نجوم هوليود كما جاءت على وسائل الإعلام ، أما بعضهم فيرى ما يدعى " إسرائيل بلدا مستضعفا" و البعض آخر يقول بتسببها في النزاعات و الحروب و قليل كان محايدا و داعيا لحماية المدنيين:

توم كروز : العرب مصدر الإرهاب ،لم يتركوا أحدا إلا و تهجموا عيه ،أتمنى أن تبيد إسرائيل جماعة حزب الله.

ريتشارد جير: العرب عالة على البشرية، يجب التخلص منهم ، فهم أبشع المخلوقات وأقل من الحيوانات، ونحن واليهود أصل العالم لذا لا تجوز المقارنة.

كيانو ريفز : لو كان العرب الأقوى لأبادوا العالم ،لذا يجب إبادتهم.

أرنولد شوارزينيجر: العرب هم الإرهابيون، و إسرائيل تحاول أن تجعل العالم أكثر أمنا، إلى الأمام يا إسرائيل.

ويل سميث: الطرفان على خطأ، يجب إيقاف هذه المذبحة و تجنيب المدنيين كل هذه المعاناة.

ساندرا بولوك: لا أعرف الكثير عن هذه الحرب، كل ما أعرفه هو أنه لا يجوز لهذه المذابح أن تستمر، فالمدنيون من الطرفين بشر و لا يجوز قتلهم بهذه الطريقة.

شون كونري: نتكلم الآن بمنطق القوة، فماذا لو كنا نحن الأضعف؟

رالف فينس: أصبحنا نعيش في غابة، القوي يأكل الضعيف، لسنا أفضل من العرب كي نحتقرهم.

داستن هوفمن: لم يعد هناك وجود للإنسانية بسبب إسرائيل.

أنطوني هوبكينز: أنا أخجل من كوني أمريكيا إزاء هذه الحرب، إسرائيل هي المسؤولة عن اندلاعها و كل الدمار و الخراب و معها أمريكا.

ميل جيبسون: اليهود مصدر الحروب في العلم، أتمنى لو تتم إزالتهم من الوجود. آل باشينو: أنظروا إلى تاريخ إسرائيل لتعرفوا مصدر الإرهاب.

أنجيلا جولي: العرب و المسلمون ليسوا إرهابيين، يجب أن يتحد العالم بأسره أمام إسرائيل.

جورج كلوني: أسماء مثل بوش و رايس و بلير وأولمرت و شارون سيلعنها التاريخ.

ليس للفنان الغربي ما يخسره في هذا الإطار حتى و إن نعت العرب بأبشع النعوت ،لكن الجمهور العربي يستمر في التصفيق له و مشاهدة أفلامه و تتبع أخباره حتى و إن كان هذا الفنان لا يولي اهتماما بجمهور اسمه العرب.



محمد أمين ـ الجزيرة توك

بالله عليكم جاوبوني راني حرت


بالله عليكم جاوبوني راني حرت
نحب نعرف هل الأوسمة و النياشين الكل منين جابها؟ ياخي شني الحروب اللي حاربها... ولا شنية الاكتشافات اللي اكتشفها؟
راني بالحق حرت

الأحد، 3 ديسمبر 2006

فلسطين و حق العودة


مرّت منذ بضع أيام ذكرى اليوم العالمي لنصرة فلسطين الذي أقرته الأمم المتحدة و كأنه يوم من دون بعد عالمي إذ انحصرت أغلبية الاحتفالات و المهرجانات على فلسطيني الداخل و الشتات. و لم يعد له نفس البعد الذي عرفناه من سنين خلت. و لئن كان تبني هذا اليوم كاحتفال عالمي يعود الفضل فيه لكتلة دول عدم الانحياز في الجمعية العامة للأمم المتحدة, هذه الكتلة الذي أسسها الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر صحبة تيتو و نهرو, فإن هذا التاريخ أصبح كغيره بلا معنى حقيقي لهذه القضية.

كنت و لا زلت أأمن أن تحرير فلسطين لن يكون إلا في إطار بعده القومي العربي و بمساندة كل أحرار العالم. و أنه طال الزمن أو قصر ستعود فلسطين كما كانت أرضا عربية تؤم كل الديانات.

"سنحرر هذه الأرض شبرا شبرا و لو دفعنا على كل شبر شهيد" جمال عبد الناصر