حسب موسوعة ويكيبيديا "لا يوجد للدين تعريف واضح وثابت بل هناك العديد من التعاريف للدين، وتتصارع جميعها على محاولة أشمل و ادق تعريف لكن في النهاية مثل هذا الموضوع يخضع لإيمان الشخص الذي يضع التعريف و بالتالي يصعب وضع تعريف يرضي جميع الناس . فالدين يتناول واحدة من أقدم نقاط النقاش على الأرض. و في القِدم، كان النقاش يتناول شكل و طبيعة الإله الذي يجب أن يعبد، أما في العصر الحديث فيتركز النقاش أساسا حول وجود أو عدم وجود إله خالق تتوجب عبادته. ذلك نجد من يحاول تعريف الدين من منطلق إيماني، روحاني، يقيني، أو من منطلق إلحادي، أو من منطلق عقلاني يحاول دراسة الدين كظاهرة اجتماعية أو نفسية أو فلسفية"
أعتبر نفسي مؤمنا بوجود خالق لهذا الكون و أعتبر نفسي مسلما حتى و إن كنت لست متدينا بالمفهوم التطبيقي للإسلام، و بالتالي أعتبر أنه من حقي أن أدافع عن معتقداتي إن تمت مهاجمتها و سبّها و أقبل أي نقاش حولها على أن يبقى في إطار حوار حضاري و متزن. تدوينتي الوحيدة في هذا الموضوع كانت في شكل "رسالة" للمدون عاشور الناجي حاولت فيها أن أحافظ قدر المستطاع على آداب الحوار رغم انها لم تكن دعوة للنقاش حول وجود الله من عدمه و قد حافظت ردودنا على الحد الأدنى من الإحترام سواء من طرفي او من طرف عاشور. وصفتني الصديقة مهيفا بأني من "كبار الحومة" الذين شاركو في "حملة الأنصار" للدفاع عن الدين الإسلامي وهو شرف لا أدّعيه فأنا لم أشارك في هذه الحملة لأسباب لن أذكرها هنا و لم أقل يوما أنني سأشارك فيها أو لن أشارك. و بالعودة للإستشهادات التي ذكرتها في تلك التدوينة و التي حسب مهيفا أيضا هي "لوك لما ينتجه إعلاميو الجزيرة" حتى و إن كانت صادرة من فلاسفة الأنوار فإعلمي صديقتي أنه من حقي أيضا أن أستشهد بمن أريد كما يستشهد بعضهم ب"الدكتورة وفاء سلطان" و سلمان رشدي و شتّان بين الثرى و الثريا.أنت على حق عندما تقولين بأنك لست ملزمة بأن تحذين حذو هؤلاء الفلاسفة إذا ما نادوا بإعتناق الإسلام أو بسمو الذات المحمدية و أنت حرة في أن لا تعتبرينها حجج عقلانية او لا علمية و لكن سيدتي الفاضلة ليس من حقك أن تعتبريها و أن تعمميها كبراهين تعيسة فذلك إستنتاجك يلزمك لوحدك كما ليس من حقك سيدتي أن تطلقي التهم جزافا و أن تعتبرين من يخالفونك الرأي حول هذا الموضوع أنهم من أصحاب الفكر الديني أو أنهم ينتمون للإسلام السياسي (و لو تلميحا). فكنت و لا زلت من أشد المعارضين لهذا التيار و أنا أختلف معه جذريا في عديد النقاط و لكني أعتبرهم أيضا أبناء لهذا الوطن و لديهم الحق مثلي تماما في التعبير عن رأيهم بكل حرية و في إطار ديمقراطي يجمعنا جميعا. أعتبر نفسي أيضا علمانيا و إن كان لدي تفسيري الخاص للعلمانية الذي يحفض لي حقي في ممارسة شعائري و حقي و حق غيري في العيش في وطن ديمقراطي يشارك فيه جميع أبنائه على إختلافهم (قد أعود يوما بتدوينة حول هذا الموضوع). إننا في تونس ننتمي إلى مجتمع عربي مسلم في أغلبه و العروبة و الإسلام هما من مقوماته الحضارية التي تثريه و معادتهما يسيء له أكثر مما ينفعه و أنا أذكر أني عندما كنت حاضرا في أربعينية المناضل الشيوعي نور الدين بن خضر في فضاء المشتل بالعاصمة كيف تحدث أحد رفاقه الذي أتى من صفاقس حول هذا الموضوع و كيف أن نور الدين رحمه الله نادى بعدم القطيعة مع هذا الموروث الثقافي و بالمحافظة عليه و إحترامه و إثرائه.
أثناء متابعتي للتدوينات التي كتبت مؤخرا حول هذا الموضوع و غيره صدمت من إتهامات التخوين التي صدرت في حق بعض من شاركوا في يوم التدوين للدفاع عن الإسلام كما صدمت من حملات التكفير التي نالت من بعض من خالفوهم الرأي في بعض المواضيع. ليس من حق أي كان أن يخون آخر لأنه إختلف معه في رأي و ليس من حق أي كان أن يكفر آخر لأنه ناقشه في معتقداته. في حياتي القصيرة كفّرت (بضم الكاف و كسر الفاء) عديد المرات سواءا كان ذلك أثناء نشاطي في صلب الإتحاد العام لطلبة تونس أو بعد ذلك أثناء نقاشي مع بعض المتديينين الذين ينتمون للفكر السلفي و ليس أقسى من التكفير على شخص يعتبر نفسه مؤمنا و بالتالي أعرف هذه "التهمة" جيدا. أعتقد مرة أخرى أن إختلافنا عليه أن يبقى في حد أدنى من الإحترام. منذ أن أنشأت هذه المدونة إختفت مع العديد في مواضيع مختلفة و لكن حوارنا كان دائما هادئا و بعيدا عن العواطف فحواري مع الأخ ماني الإفريقي حول المقاومة و الصراع العربي الإسرائيلي كان في هذا الإطار و حتى عندما إنتقدني عم علي أزواو حول تدوينة سابقة فقد قدمت إعتذاري و إعترفت بخطئي رغم أني إعتبرت إنتقاده قاسيا نوعا ما فكلنا يخطئ.
معشر المدونين (محلاها الكلمة هههه) إن مجتمعتنا العربية عموما و مجتمعنا التونسي خصوصا لن تتحرر من الإستبداد قبل أن تحرر أذهاننا من عقلية التسلط و مصادرة الرأي الآخر، و قبل أن نتعلم كيف نختلف و نحترم كل من يختلف معنا. لقد أستشهد هشام و من بعده الحفناوي و من قبلهم العشرات و لم يتغير شيء في بلادنا الحبيبة فالحاكم هو نفسه و الحزب هو نفسه. الشيء الوحيد الذي تغير هو الشعب: إني أرى في شباب اليوم بذرة للتغيير نحو مستقبل أفضل لتونسنا فلنحافظ عليه و لنعلمه كيف يتوافق. على الأقل هذا حلمي الذي أعمل له و أتمنى أنكم تعملون له أيضا. كلنا سنومت يوما و سنقابل خالقنا (إذا كان موجودا) و لكن وطننا سيبقى فلنعمل ليتسع لأبنائنا جميعا.
تحياتي و أتمنى ان تكون هذه التدوينة الأخيرة حول هذا الموضوع